الإشراف التربوي بمفهومه العام هو مجموعة الخدمات والعمليات التي تقدم
بقصد مساعدة المعلمين على النمو المهني مما يساعد في بلوغ أهداف التعليم.
ويقصد بالمهني هنا ما يتعلق بمهنة التدريس. فالإشراف، إذن خدمات تقدم من
المشرف، وقد يكون صاحب المنصب المسمى "المشرف التربوي" وقد يكون مدير
المدرسة وقد يكون زميلا ذا خبرة. فكثير من الباحثين يهتم بعملية الإشراف
دون التركيز على شخص أو وظيفة من يقوم بالعمل.
وقد تنوعت اتجاهات الباحثين
والمتخصصين في الإشراف التربوي في الطرق الأنسب لعملية الإشراف، وكل اتجاه
ينطلق من أسس تربوية نظرية تؤطر طريقته، أو يلحظ جانبا من جوانب العلمية
التربوية ويركز عليه. وفيما يلى عرض لأهم الاتجاهات الحديثة في الإشراف
التربوي، يشمل أهم بيان أسسها النظرية وتطبيقاتها التربوية مع تقديم ما
وجه إليها من نقد.
أهمية الاطلاع على أنواع الإشراف التربوي واتجاهاته المختلفة
عرض
هذه الأنواع من الإشراف التربوي لا يعني أن ألمشرف لا بد أن يحيط بها
ويتقنها، أو أن أحدها هو الأفضل والحل الأمثل لمشاكل التعليم. بل المقصود
أن يطلع المشرف التربوي على الاتجاهات المختلفة في حقل الإشراف التربوي
ويعرف الأسس الفكرية والتربوية التي كانت سببا في ظهورها. وهذا يعطي
المشرف التربوي منظورا أكبر وخيارات أكثر للعمل في حقل الإشراف. وهذه
الأنماط والاتجاهات مفتوحة للتطوير والتعديل بما يناسب شخصية المشرف أو
بيئته التربوية. إذا المتأمل لها يرى أنها تتداخل مع بعضها و تستفيد من
بعض.
الإشراف الصفي (الإكلينيكي)
ظهر
هذا الاتجاه على يد جولد هامر و موريس كوجان و روبرت أندرسن الذين عملوا
في جامعة هارفرد في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات الميلادية. وقد
جاءات تسميته نسبة إلى الصف الذي هو المكان الأصلي للتدريس. وهو يركز على
تحسين عملية التدريس في الصف، معتمدا على جمع المعلومات الدقيقة عن سير
عملية التدريس في الصف. و (قد كان) الهدف الرئيس من عملية الإشراف الصفي
هو منح المعلم الفرصة لينال (تغذية راجعة) معلومات راجعة تمكنه من تطوير
مهارات التدريس التي لديه. (كوجان 1973 ص 36).
ويحتاج
الإشراف الصفي إلى وجود ثقة متبادلة بين المشرف (أو المدير) وبين المعلم.
إذ أنه لا بد من المشاركة الفاعلة من المعلم، بحيث يتفق هو والمشرف على
السلوك المراد ملاحظته، ويقومان بتحليل العلومات الملاحظة ودراسة نتائجها.
ودون تلك الثقة المتبادلة والتعاون لا يمكن أن يحقق الإشراف الصفي هدفه.
وهذا من جملة الانتقادات التي وجهت لهذا النوع من الإشراف، فتلك الثقة
وذلك التعاون لا يمكن الجزم بوجودهما في كثير من الأحيان.
مراحل الإشراف الصفي
اختلفت
آراء الباحثين حول مراحل عملية الإشراف الصفي. ومرد ذلك إلى الاختلاف إلى
أن بعضهم يفصل المراحل ويجزؤها والبعض الآخر يدمج بعضها في بعض. وفي
الجملة تمر عملية الإشراف الصفي بثلاث مراحل:
وعلى سبيل التفصيل يقترح (كوجان) ثمان مراحل.
1. تكوين العلاقة بين المعلم والمشرف.
2. التخطيط لعملية الإشراف
3. التخطيط لأساليب الملاحظة الصفية
4. القيام بالملاحظة الصفية
5. تحليل المعلومات عن عملية التدريس
6. التخطيط لأسلوب النقاش الذي يتلو الملاحظة والتحليل
8. التخطيط للخطوات التالية.
وواضح أن هذه الخطوات يمكن دمج بعضها في بعض، ولذلك يقترح جولدهامر خمس مراحل:
1. نقاش ما قبل الملاحظة الصفية
وفيه
يتم تهيئة المعلم لعملية الإشراف الصفي وتقوية العلاقة معه وزرع روح الثقة
بينه وبين المشرف ببيان هدف المشرف التربوي من عملية الإشراف. ويتم
الاتفاق على عملية الملاحظة وأهدافها ووسائلها وحدودها. فهذه المرحلة
مرحلة تهيئة وتخطيط لدورة الإشراف الصفي.
وفيها يقوم المشرف بملاحظة العلم في الصف وجمع المعلومات بالوسيلة المناسبة. (انظر مقال: الملاحظة الصفية). 3. تحليل المعلومات واقتراح نقاط بحث
في
هذه المرحلة يقوم كل من المعلم والمشرف على انفراد بتحليل المعلومات التي
جمعت في الفصل ودراستها وتحديد نقاط ومسار النقاش في المداولة الإشرافية.
وفيه تتم المراجعة السريعة لما
تم إنجازه في ما مضى من دورة الإشراف الصفي ومدى تحقق الأهداف. ويناقش فيه
ما تم ملاحظته في الصف، وبماذا يفسر.
يتم في هذا التحليل الختامي
تحدي ما تم في المداولة الإشرافية وما توصل إليه فيها من نتائج. أيضا يتم
فيها تقييم عملية الإشراف الصفي التي تمت وتحديد مدى نجاح وفعالية كل
مرحلة من المراحل. وكذلك يتم فيها تقييم عمل المشرف، من قبل المعلم، ومدى
مهارته في إدارة مراحل الإشراف الصفي. وف يالجملة فهذه المرحلة هي مرحلة
التقييم والتوصيات لعملية الإشراف التي تمت بين المعلم والمشرف.
الإشراف الصفي فعال في دفع المعلمين للسعي في تطوير أنفسهم، وبالتالي تحسن عملية التدريسي. إلا أنه يؤخذ عليه الملاجظات التالية:
1. هذا النوع يحتاج إلى قدر كبير من الثقة والتعاون المتبادلين بين المعلم والمشرف، وهو أمر قليل الوجود.
2. المستفيد
الأكبر هو المعلم الجيد الذي لديه الرغبة في تطوير نفسه، بينما الأجدر
بالمساعدة هو المعلم الضعيف والذي ليس عنده دافعية لتطوير نفسه.
3. هذا
النمط يركز على السلوك الصفي الظاهر للمعلم، ويغفل جوانب السلوك الأخرى،
وكذلك سلوك المعلم مع التلاميذ في المحيط التعليمي خارج الصف.
4. يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين في الإعداد والتنفيذ والمتابعة.
5. يحتاج من المشرف إلى خبرة ومهارة في إدارة مراحله المختلفة وبناء علاقة وثيقة مع المعلم